المتابع لما حدث في العالم العربي على مدى العامين تستوقفه العديد من
الأشياء والمفردات نتيجة التحولات التي حصلت في بعض الدول وما أعقب ذلك من
سقوط للأنظمة، والبعض يسميه سقوط أشخاص أو استبدال أقنعة بأقنعة أخرى ولو
من نفس طينة النظام السابق.
فمنذ ثورة الياسمين في تونس مرورا بمصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا
تحول العالم العربي إلى حلبة صراع وتنافس في تصدير أفضل الوجبات في عملية
التغيير الحديث.
الثابت فيما جرى هو أن العقل العربي لا يزال هو نفسه المشحون بالعاطفة
واللاوعي، يتجه وفق للمتغيرات حوله دون أدنى فهم أو وعي لما يجري, فما حدث
يعتبر بداية صحوة في المطالبة بالحرية والكرامة التي تحفظ للإنسان أحقيته
في تحديد مصيره ونظام حكمه إلا أن هذه الحرية والديمقراطية التي ننشدها
لازالت بحاجة للمزيد من الوعي ومواجهة التحديات التي تصاحب هذه الثورات أو
التحولات حتى لا يكون هناك طغيان سلبي على بعض التغيرات الإيجابية الحاصلة
في الوطن العربي.
تبدلت أسماء أنظمة بينما الواقع لا يزال هو ذاته لأننا لازلنا ندور في نفس الاسطوانة السابقة.
صحيح أن هناك حراكا اجتماعيا وسياسيا في بلدان الربيع العربي لكن هذا
الحراك تحوم حوله العديد من التحديات والمخاطر خشية انزلاق هذه الدول لمربع
العنف أو الخضوع للسياسات الخارجية من خلال التحكم في بعض الموارد ومحاولة
تمرير سياسات وأفكار معينة تعمل الدول الأجنبية على توجيهها بداعي
الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان. ورغم أن هذه المفردات جيدة لكن مضمونها
الخفي التي تريد الدول الأخرى إيصاله له أبعاد خطيرة على مستقبل دول
الربيع العربي.
فبعد كل ما جرى من تغيير وحراك عربي لا يزال العرب ينتظرون ما ستجود به
دول الغرب عليهم من مكرمات ولا يزال البعض يرتهن عملية الإصلاح والتغيير في
بلاده للغرب ومساعدته، وهذا يجعل مستقبل هذه الدول مهددا بالخطر خشية
إملاء سياسات معينة مقابل الدعم الأجنبي وأحيانا يكون هناك تسليم لبعض
الموارد للغرب مقابل الحماية وما إلى ذلك.
وبعد كل ذلك: هل سيستطيع القادة الجدد تحقيق آمال وتطلعات شعوبهم المكبوتة
ومنحها الحرية وحقوقها المسلوبة كرد اعتبار وواجب، أما سيرتهن في عملية
التغيير لسياسات الغرب وإملاءاته مع ولائه للأنظمة السابقة ولو بصورة خفية؟
سؤال عن وضع معتم، إلا أن حوله كثير من الأمل بتحقيق تغيرات إيجابية بفضل ولادة وعي جديد يعيد للإنسان العربي كرامته وحريته